أ أ نــــــــــــا قلت ذلـــــــــــك...؟
-.... أبعد هذه السنوات من العمر الفاني تقرين بما ليس بي...؟
-.... ألسانك هذا الذي نطق بها أعجمي هو أم عربي...؟
وجرت العربات بعضها.. ما بال السماء تلبدت بالسحب...؟
آآآآآ..هٍ. عم الخير واطمأنت النفوس وعادت فراشتي للحقل , متنقلة بين زهوره ورياحينه
وورده وزعفرانه ...تتأمل.. تتأنى ... تبتسم ..مميزة بين مختلف طعمه وألوانه....
فراودتني نفسي شوقا لسؤلها عن حال صغير خلته يئن ..حسبته يبكي.. سمعته يصرخ..
ولا غرو إن قلت من شدة الألم يعوي ..وقلت لها متسائلا: كيف هو...؟
لم ترد علي صراحة لكنها أشارت وفي الإشارة ما يغني عن العبارة..أشارت وفي مقلتيها
أبصرت إثمد الحقيقة . حينها فقهت أن للعين لغة مشفرة لا تفكها إلا نبضات القلب......
فهمت الرسالة جيدا وخزنتها في مكان لا يعلم به مخلوق إلا خالقه
العين بصيرة واليد قصيرة
هكذا قيل وهكذا لا زال يقال, أوَ هكذا يُسكت أنين المصابين من الأطفال....؟
هذا حال من افتقد رماده.. وأخمدت جذوة نار فؤاده.
بينما هناك من يشبع ويرتع ..يلعب وينهب ...يشد ولا يمد ..
حرير من سندس وإستبرق الحياة فيهما ينعم ...
ملاعق من ذهب وصحون من فضة بهما وفيهما ومنهما ينهم..
بربكم أين الرحمة ...؟ أين الهمم...؟
صغيرنا لم يميز بعد بين حلمة ثدي مرضعته وحبة الحمص يتلوى...مسكين ذا متربة
وصغيرهم هناك يلهو عبثا عابثا بدنانير ودراهم و[شوكولاطة] مستورة حسب الرغبة
ضحى وعشية .. صباحا مساء وصغيري بين الطب والتطبيب , بينما يقف الطبيب عاجزا فقد استعصى عليه العلاج..
لابد من توفير هذا الدواء ... لا تحاولوا البحث عنه هنا؟ ولا حتى عند الجيران .إنه من وراء البحر استقر وجوده ...آسف لا بد من توفيره ولو تطلب الأمر شق كبد السماء ..
ضروري التفتيش فبدونه صغيركم معرض لا قدر الله لمكروه/ قال الطبيب.
وتبقى فراشتي تائهة بين الحقول , حتى إذا ما أعياها التنقل وعجز جناحاها عن الطيران عادت لتنام فوق صدري ...
إني أشعر بخلجات صدرها....بنبضات قلبها .... بتمزق أحشائها .....وبما اخفت عني من عصارة كبدها .
-... أليس من أجل هذا أنت مكتئبة حزينة ..؟ لا تهيني فراشتي واعتصمي بالقوي المقتدر؟
لا تقنطي فرحمة ربك وسعت كل شيئ ...؟
اهدئي .؟ اطمئني لعل الغد شمسه ربيعية ...؟ ولعل الليلة هذه بدرها نور ومنارة , إني صادق النية........
ترنحت ... تقلبت وكأنها هي الجريحة وهي الذبيحة.. فقلت لها لما رأت بصيرتي ذلك:
ابتسمي فراشتي...؟........ فلنا غدا بحول الله حديث في الصبيحة....
أعلم أنه أثقلت كاهلك أوزار ومن حولك فصبرا يا طيبة يا مليحة.....
رفرفت بجناحيها ثم طارت غير بعيد ثم عادت قائلة : أأنا قلت ذلك ؟ أم هذا ما خطر على بالك.....؟
حينها بسطت يداي وسويت راحتيهما كعش وأشرت لها ..نامي ..نامي أيتها الجميلة...
أيتها الطيبة الأصيلة... أيتها المقدامة الصريحة...
مثلك نادر الوجود في هذا الوجود