ولد طه حسين (1889م – 1973م) في إحدى قرى محافظة المنيا بصعيد مصر. فقد بصره في السادسة من عمره نتيجة الفقر والجهل، وحفظ القرآن قبل أن يغادر قريته إلى الأزهر طلبًا للعلم. وفي الأزهر تتلمذ على يد الإمام محمد عبده الذي علمه التمرد على طرائق الاتباعيين من المشايخ، فانتهى به الأمر إلى الطرد من الأزهر، واللجوء إلى الجامعة المصرية الوليدة التي حصل منها على درجة الدكتوراه الأولى في الآداب عام 1914 عن أبي العلاء المعري.
ولم تمر أطروحته من غير ضجة واتهام من المجموعات التقليدية حتى بعد أن سافر إلى فرنسا للحصول على درجة الدكتوراه الفرنسية.
وعاد من فرنسا سنة 1919 بعد أن فرغ من رسالته عن ابن خلدون، وعمل أستاذًا للتاريخ اليوناني والروماني إلى سنة 1925، حيث تم تعيينه أستاذًا في قسم اللغة العربية مع تحول الجامعة الأهلية إلى جامعة حكومية.
وما لبث أن أصدر كتابه (في الشعر الجاهلى) الذي أحدث عواصف من ردود الفعل المعارضة، وأسهم في الانتقال بمناهج البحث الأدبي والتاريخي نقلة كبيرة فيما يتصل بتأكيد حرية العقل الجامعي في الاجتهاد. وفي عام 1929م نشر طه حسين كتابه "الأيام" وهو سيرة ذاتية، غيّرت من شكل الرواية العربية. كما أنتج أعمالاً كثيرة قيمة منها على هامش السيرة ، ومستقبل الثقافة في مصر وغيرها. وهو يعتبر بحق "عميد الأدب العربي" نظراً لتأثيره الواضح على الثقافة المصرية والعربية.
وظل طه حسين يثير عواصف التجديد حوله، في مؤلفاته ومقالاته وإبداعاته المتلاحقة طوال مسيرته التنويرية التي لم تفقد توهج جذوتها العقلانية قط، سواء حين أصبح عميدًا لكلية الآداب عام 1930، وحين رفض الموافقة على منح الدكتوراه الفخرية لكبار السياسيين عام 1932م وحين واجه هجوم أنصار الحكم الاستبدادي في البرلمان، الأمر الذي أدى إلى طرده من الجامعة التي لم يعد إليها إلا بعد سقوط حكومة صدقي باشا.
ولم يكف عن حلمه بمستقبل الثقافة أو انحيازه إلى المعذبين في الأرض في الأربعينات التي انتهت بتعيينه وزيرا للمعارف في الوزارة الوفدية عام 1950، فوجد الفرصة سانحة لتطبيق شعاره الأثير (التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن).
وظل طه حسين على جذريته بعد أن انصرف إلى الإنتاج الفكري، وظل يكتب حتى وفاته في عام 1973م.