لا توص حريصا...
كان في أحد الأزمان السالفة ملك و وزيره يتجولان في المملكة، و عندما وصلا إلى أحد الشيوخ في الطريق دار الحديث التالي بين الملك و الرجل الشيخ:
الملك: السلام عليكم يا أبي.
الشيخ: و عليكم كما ذكرتم و رحمة الله و بركاته.
الملك: و كيف حال الاثنين؟
الشيخ: لقد أصبحوا ثلاثة.
الملك: و كيف حال القوي؟
الشيخ: لقد أصبح ضعيفاً.
الملك: و كيف حال البعيد؟
الشيخ: لقد أصبح قريباً.
الملك: لا تبع رخيصاً.
الشيخ: لا توص حريصاً.
كل هذا المشهد دار و الوزير واقفٌ لا يفقه شيئاً منه، بل و قد أصابته الدهشة و الريبة والصدمة.
ثم مضى الملك و وزيره في جولتهما؛ و عندما عاد الملك إلى قصره سارع الوزيرإلى بيت الرجل الشيخ ليستفسر عن الذي حدث أمامه في ذلك النهار. وصل إلى بيت الشيخ ومباشرة استفسره عن الموضوع، و لكن الشيخ طلب مبلغا من المال فأعطاه الوزير ألف درهم، فقال له الشيخ: فأما الاثنان فهما الرجلان وأصبحا ثلاثة مع العصا. و في السؤال الثاني طلب الشيخ ضعفي المبلغ الأول فأعطاه ألفين فقال: فأما القوي فهو السمع و قد أصبح ضعيفاً، ثم طلب ضعفي المبلغ الذي قبله فأعطاه الوزير أربعة آلاف فقال: فأما البعيد فهو النظر وقد أصبح نظري قريباً. و عندما سأله الوزير عن السؤال الأخير امتنع الشيخ عن الإجابة حتى أعطاه الوزير مائة ألف درهم فقال: إن الملك كان يعلم منك أنك ستأتي إلي لتستفسرني عن الذي حدث و أني سأشرح لك و أوصاني بأن لا أعطيك مفاتيح الكلام إلا بعد أن أحصل على كل ما أريد و ها قد حصلت، ثم مضى الوزير و هو مبهور بما حصل معه في ذاك النهار.